واشنطن والخروج من المستنقع.. هل يطال الانسحاب سورية؟

شام تايمز – نوار أمون

تسبب قرار الإدارة الأميركية بالانسحاب من أفغانستان، وإنهاء المهام القتالية في العراق بحلول نهاية العام الجاري، دون الكشف عن الوجهة المحتملة لهذه القوات، بعاصفة من الأسئلة والتكهنات حول مصير قوات الاحتلال الأميركي في سورية، وإمكان أن يطولها قرار الانسحاب أيضاً.

إلا أن مسؤولة السياسة العليا لشؤون الشرق الأوسط في “البنتاغون”، “دانا سترول” أزالت الضبابية حول تلك التكهنات، بتصريح أكدت فيه عزم بلادها إبقاء قواتها العسكريّة في شمال شرقي سورية، بحسب ما جاء في تغريدةٍ نشرها مراسل صحيفة “المونيتور” الأميركية “جاريد زوبا”، الثلاثاء.

تصريح “سترول” سبقه، تصريح لافت للرئيسة المشتركة لما يسمى “مجلس سوريا الديمقراطية – مسد”، “إلهام أحمد” والتي أبلغت فيه قيادات “قسد” بالتحضر والاستعداد لانسحاب محتمل للقوات الأميركية من شمال شرق سورية.

وبصرف النظر عن التصاريح المتضاربة والتخبط الحاصل بالقرارات الأميركية، وبعيداً عن فكرة الانسحاب المفاجئ بعد عقدين من أفغانستان وترك الباب مشرعاً أما تمدد “طالبان” ناهيك عن جدولة الخروج الأميركية من العراق تحت مسمى “الحوار الاستراتيجي” تبقى خيارات “واشنطن” في كل من العراق وسورية، لا تخرج عما تسوقه مراكز البحوث والدراسات الأميركية، بوصفها أفضل الخيارات المتاحة أمام الإدارة الأميركية، والتي تتمثل في انسحاب قوات قتالية مع بقاء نخبة من المستشارين والمدربين، بما يحافظ على النفوذ الأميركي فيهما، ويساعد على تخفيف النفوذ الإيراني والروسي في تلك المنطقة، بحسب زعمها.

ومع أن التراجع الأميركي في المنطقة، بات جلياً، وهو الإجراء القديم الجديد الذي كانت واشنطن تفكر به، ويرتبط حالياً بشكل أبرز بتحديد الأولويات الأميركية الخارجية، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى توجيه أولوياتها ومواردها نحو شرق آسيا، ومواجهة التحديات الصينية الروسية المتزايدة، إلا أن مسعى تثبيت الوجود لا يزال قائماً، ولا بد أن تضع “واشنطن” استراتيجية جديدة للمرحلة المقبلة، بالانطلاق من أن تنفيذ التفاهمات المنتظرة مع روسيا تقتضي وجوداً عسكرياً يحافظ على توازن القوى على الأرض.

ملفات منفصلة

ويعتبر بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية أن أفغانستان والعراق وسورية تمثل ثلاث قضايا أو ملفات منفصلة تماماً عن بعضها البعض، ولا ينبغي الخلط بينها، لذلك لا يرون إمكانية حدوث أي تغييرات مهمة في المرحلة الراهنة على مهمة القوات الأميركية في سورية وعلى الغاية من وجودها، معتبرين أن ذلك يدخل في إطار استراتيجية إدارة الرئيس “بايدن” في سورية، وخاصة مع تولي الخارجية الأميركية للملف السوري.

وبرغم عدم كشف الولايات المتحدة لعديد قواتها في سورية، إلا أن قوات الاحتلال الأميركي ينحصر تواجدها في مناطق شرقي الجزيرة السورية والتنف جنوباً، في 28 موقعاً عسكرياً لا شرعياً، موزعاً بين قواعد ونقاط عسكرية، حيث تتذرع “واشنطن” بوجودها هناك استناداً للتفويض الممنوح للعمليات المرتبطة بتهديد تنظيم “داعش” و”الجماعات الإرهابية المتطرفة” التي تشكل، من وجهة نظر أميركية، “تهديداً لأمنها القومي” إلا أنه ومن الناحية الجيوستراتيجية، فأن كبح جماح النفوذ الروسي شمال شرقي سورية، بالإضافة إلى لجم إيران، يبقى الهاجس الغير معلن لواشنطن بالتواجد بتلك المناطق.

الباحث في الشأن السياسي والعسكري “كمال جفا” أوضح لشبكة “شام تايمز” أن الإدارة الأميركية لم تستقر بعد حول ما إذا كان تواجدها شمال شرق سورية هو مؤقت أم دائم، لارتباطه بعدة ملفات، وخاصة وع التسخين الحاصل في البادية السورية ودرعا.

وأشار “جفا” إلى إمكانية وجود يد لواشنطن في التوتر الحاصل في درعا، وخاصة مع تحريك ونقل قوات الاحتلال الأميركي سجناء إرهابيي “داعش” إلى منطقة “التنف” لإعادة تأهيلهم والاستفادة منهم، وهذا ما يفسر تواجد عدد من متزعمي “داعش” في الجنوب السوري.

واعتبر الباحث السوري، أن تسخين الجبهات كافة والتصاريح المتعلقة بالانسحاب أو البقاء من المنطقة ماهي إلا ترتيب أو جمع أوراق رابحة لكل طرف قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان هناك حلحلة للعُقد أو أن المنطقة متجهة نحو التأزيم، قال “جفا”: “غير مسموح بالاتجاه نحو الانهيار، مع الإبقاء على النهج الأميركي بالضغط والابتزاز” مضيفاً أنه خيار التهدئة مرتبط بالوصول إلى مرحلة انفجار الوضع، وهذا لن تسمح به الإدارة الأميركية.

وبحسب خبراء، فإن الاحتلال الأميركي سيبقى حاضراً بحده الأدنى على الأراضي السورية خلال الفترة المقبلة، مع أن تكثيف هذا الحضور سيكون أمراً حاصلاً في ظل الانسحابات من العراق وأفغانستان، غير أن هذا الوجود المتوقع تزايده ينطلق من عوامل أساسية كبرى لم تتغير لدى واشنطن حتى مع وصول “بايدن” للحكم، أولها الضغط لتحريك العملية السياسية بالتوازي مع خيار العقوبات “قيصر”، وثانيها منع التمدد الإيراني في عموم المناطق السورية، وثالثها وأهمها تتمثل بـ منع حدوث الخلل في موازين القوى.

وعليه فإنه لا يمكن الاعتقاد بوجود انسحاب عسكري أميركي بالصورة والشكل، وإنما إعادة انتشار وتموضع، وربما خفض حجم القوات، والاستعاضة عن ذلك بالتفوق التكنولوجي العسكري، ورمزية العلم الأميركي.

شاهد أيضاً

“روضة الرفاعي”: الهدف من الفعالية هو إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الأيتام

شام تايمز – جود دقماق انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية وتحقيقاً لهدفه الإنساني، أقام النادي الدبلوماسي …