السوريون يدفعون ثمن “المرض” باهظاً.. أسعار “التحاليل” تحلق!

شام تايمز – كلير عكاوي

اختلف مفهوم الوقاية من المرض عند السوريين، فبدلاً من الخوف على صحتهم وحمايتها، باتوا يقاومون للوقاية من ضرر الدفع المفرط لـ “راشيتا” تحاليل طبية، ما اضطر نسبة كبيرة للامتناع عن الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية والمخابر والعيادات الخاصة بسبب ارتفاع أسعار طرق العلاج من أدوية وتحاليل طبية وغيرها من الإجراءات الصحية.

مدير مخابر الصحة العامة في وزارة الصحة “مهند الخليل” أكد لـ “شام تايمز” أن ارتفاع أسعار التحاليل الطبية سببها معروف وهو ارتفاع سعر الصرف، لأن المواد الأولية الخاصة بالتحاليل الطبية مستوردة، مشيراً إلى أنه لا يوجد إنتاج محلي لهذه المواد في أي معمل في سورية، ولا سبب للحرب في ذلك.

وأوضح “الخليل” أن أسعار المواد المستوردة مرتفعة جداً، وأصبح هامش الربح عند المخابر أقل بكثير مما كان عليه قبل سنوات الحرب، أي أن تحليل السكر بلغ سعره 100 ل.س عندما كان سعر الصرف 50 ل.س، وحالياً سعر الصرف 2500 في المصرف السوري المركزي فمن المفروض أن يصل سعر تحليل السكر إلى 5000ل.س، ناهيك عن تكاليف التجهيزات وسوء وضع الكهرباء ورواتب الموظفين.

وعن التفاوت بين أسعار المخابر الخاصة والعامة مثل الجمعيات وغيرها، أكد “الخليل” أن هدفها الأول غير ربحي، مفيداً أن الكثير من شركات التأمين الصحي خرجت عن التعامل مع بعض المخابر بسبب الشروط المتوجبة، وتأخير الصرف إلى حين ستة أشهر، موضحاً أنه بسبب كلفة المواد لم تعد المخابر تستطيع تجميد هذه المبالغ، أي أسعار التحاليل لهذه الفترة الطويلة، علماً أن الأسعار متفاوتة من مخبر إلى آخر، كاشفاً عن عدم استثناء العقوبات للغذاء والدواء.

وقال “الخليل”.. “العقوبات شاملة كل شيء، كنا بحاجة لمواد خاصة بمخبر الشلل الوطني، ولم نستطيع الحصول عليها”، علماً أن فيروس الشلل من أخر الفيروسات، ويسبّب معوقات دائمة عند الأطفال، مؤكداً صعوبات الشحن وتكاليفها بالوضع الراهن.

“سهام” مواطنة تعرضت لعارض صحي قالت لـ “شام تايمز”.. “طلبت مني الطبيبة النسائية عدداً من التحاليل بسبب مشكلة في المسالك البولية.. ودفعت ثمن معاناتي 15 ألف ليرة سورية فقط تحاليل بولية”.

وأضاف “سالم” الموظف في القطاع العام.. “ذهبت مع زوجتي لإجراء بعض التحاليل في دمشق ومعي بطاقة تأمين لإحدى الشركات الطبية ولكن للأسف لم توفر سوى 50 % تقريباً، فبدلاً أن أدفع 27000 ليرة دفعت 15000 ليرة سورية.

أما حال “سميرة” وهي ربة منزل وأم لثلاثة أبناء، اضطرت على تأجيل تحليل فيتامين “د” إلى حين حصولها على الجمعية التي توفر خلالها القليل من المال مرة في السنة، ولكن بدلاً من شراء احتياجات منزلية، باتت تحتاج الجمعية لهذا التحليل لتدفع ثمن التحليل”.

“الجيبة منيحة الحمد لله” هذا ما قاله “سوار – 56 عاماً” المصاب بالفشل الكلوي عندما اتخذ قراراً في عدم إجراء أي عملية غسل أو زراعة بسبب المعاناة في إجراء التحاليل والفحوصات ثم الخروج من المشفى مع دفع ورثة أباه فقرّر أن يريح نفقاته ويتعب جسده.

وأكدت المعطيات ارتفاع تكاليف الفحوصات غير الموحدة وأسعار التحاليل الطبية، حيث بات المواطن يحلم بقرض كامل أو راتب لثلاث أشهر كي يغطّي القدرة الشرائية للأدوية والتحاليل.

وتحلّت السنوات الأخيرة بصفة الرحمة على عكس أيامنا الحالية، فكانت العملية التي تكلّف 100 ألف يدفع فيها المواطن عبر بطاقة التأمين 10 آلاف ليرة سورية تقريباً، أما الآن فمعظم شركات التأمين تدفع “من الجمل إدنو” والباقي على المواطن “المعتر”، بحجة أن المواد الخام باهظة الثمن ومن المنطقي أن تترتب على المريض تكاليف إضافية، عدا عن عدم تعاقد الكثير من المخابر والعيادات الخاصة مع شركات التأمين.

ولم يكن داخل المشافي الحكومية أو الخاصة أحسن حال من خارجها فعند دخول المواطن إلى المشفى لا يبكي على أوجاع قريبه، بل دموعه تسقط على ورقة مكتوب عليها عدد الأدوية والتحاليل المفروض اتخاذها والتي تحتاج إلى ندر في جميع الأديان السماوية ليمضي شراؤها أو اتخاذها بسلام.

ويأتيك من يقول لك في خضم هذه الظروف عن تكاليف التحاليل والعلاج “التحاليل ما أغلى من الصحة.. لا أملك تأميناً صحياً لذا أنفق ضعف ما ينفقه الآخرون”.

ولا تختصر المعاناة على “فتق” الجيب بل أيضاً الانتظار منذ الثامنة صباحاً لإجراء فحوصات وتحاليل، عدا عن أسلوب بعض الموظفين الذي يزيد الطين بلّة.

ولا بد من الإشارة إلى أن الذهاب اليوم إلى الأطباء في المستشفيات أو العيادات الخاصة يستوجب إعادة التحاليل التي اختلفت أسعارها في المخابر، فبلغ تحليل فيتامين “د” سعر 25 ألف، يليه تحليل الغدة والذي بلغ 14 ألف ليرة سورية، و16 ألف لتحليل “البرولاكتين” الهرمون المولد للحليب لدى النساء، أما تحليل خضاب الدم فقدّر بـ 2500 ليرة، وتحليل البول بـ 3000 ليرة سورية كأسعار وسطية في المخابر الخاصة، علماً أن المخابر الحكومية تخفف على جيب المواطن 3000 إلى 4000 ليرة سورية على كل تحليل.

وهناك الكثير من الفئات التي تعمل بشكل يومي أي أن مصيرها الصحي يتعلّق بازدياد ساعات العمل لجمع أكبر قدر من المال، علماً أنه قد تمر أيام لا يجد فيها ما يكفي حاجة أسرته من المأكل والمشرب، هذا ولم نتحدث عن إجراء الصور الشعاعية والرنين المغناطيسي والطبقي المحوري والماموغراف باهظي الثمن.

ولا نستطيع نكران محاولة بعض الأطباء التخفيف عن مرضاهم لعلمهم بصعوبة الحياة والسعي وراء توفير حاجاتهم، أي أن ارتفاع تكاليف الفحوصات والتحاليل ليست بالأمر المقصود بل هي نتاج طبيعي لارتفاع المعدات والمواد الخام، إضافة لوجود رسوم كبيرة تساهم بشكل أو بآخر في رفع أسعار التحاليل الطبية بحسب البعض.

شاهد أيضاً

ارتفاع سعر غرام الذهب محلياً

شام تايمز- متابعة  ارتفع سعر الذهب في السوق المحلية،اليوم الخميس، 6 آلاف ليرة سورية للغرام …