تسابق تمهلي و تريثي خطواتها المستعجلة المنهمرة على درج البناء ، تحث طفليها لمزيد من السرعة فالوقت ضيق و لا مجال للتباطؤ .. بسرعة .. بسرعة لنعود قبل الحظر المسائي ، و كأنها هاربة من سجن مكثت خلف قضبانه في شهر حجر صحي .. تعدهم بتنزه في دمشق و بتناول الشاورما و اللهو في شوارعها و تسوق يطفىء عطش عزلة تم فرضها على منطقتنا الريفية …
لوهلة .. كنت اظن أني سأسير وسط شوارع موحشة خائفة من تطاير فيروسي .. و لكن المشهد لم يكن بتلك الحيطة حسبما كنت أتوقع .. فمثل جارتي كثر عقدوا العزم على اجتياز حواجز الأمان التي رسمت حدودا احترازية وقائية صحية بين الريف و المدينة .. و انطلقوا في يومي السماح الاثنين و الثلاثاء غير مضطرين نحو دمشق من دون هدف إلا للتنزه ، و ربما التقاط وباء تائه بين المحتشدين ..
بحذر اشتريت بعض حاجياتي من محال تنفست الصعداء بعد إغلاق ، كما كشرت عن أنيابها لمزيد من غلاء غير مبرر كتعويض عن فترة جمود و خسارة ، و مجددا نحن من يدفع ثمن كل الملمات من حرب و وباء ، و عدت أدراجي مسرعة منتظرة خبرا عاجلا يعلن حالة أمان صحي و رحيل فيروس لعين من حدودنا السورية .
على صفحات التواصل الاجتماعي كانت صور مشهد الازدحام في مركز المدينة يثير السخط تارة و يدعو للسخرية تارة أخرى ، و كعادتنا نحن السوريين ننسج من الكوارث طرائف و نكات ، ليتوقع البعض ساخرا أن الكثيرين سيقضون العيد في المشافي حجرا و عزلا .. و آخرون يباركون للسوريين المحتشدين بغير ضرورة ” مبارك علينا كورونا ” ..
ربما ما زلنا بحاجة لمزيد من الوعي و الالتزام ، و شيء من الحس بالمسؤولية ، فالوباء مازال متخفيا هنا و هناك و لم يرحل بعد ، و قمة الاجحاف ان نكون سببا في كارثة صحية ، فنهدم باستهتارنا كل الجهود الاحترازية التي قامت بها الجهات المعنية من أجل صحتنا .
منال السماك